في كلية طبية ومتقدم لي شخص في كلية حقوق هو على حد علمي طموح وبيشتغل على نفسه وبيحضر دراسات عليا، لكن حاسه بشبهة تجاه مهنته وبرضه جزء مني عايز يتزوج من المجال الطبي… — دلوقت أنت ذكرت معطيين في مسألتك، واحد فيهم احتمال كبير يكون مجرد هروب من السبب الحقيقي.curiouscat.live/Kellawy/post/1…

لا أجد شيئًا يستولد الوحشة في روحي قدر انكبابها على زهو الدنيا. أتذكر قول أبو عبيدة للفاروق حين قدم الشام وكان واليًا عليها، فلم يجد عنده إلا لِبدًا وصَحفةً وشَنًّا، وطعامه كسيرات خبز: هذا يبلغنا المقيل، فبكى وقال: كلنا غيرتنا -أو غرَّتنا- الدنيا غير أبي عبيدة؛ أخذ بزمامه عنها.

أتساءل دائمًا: كيف يتصبر الملحد والكافر على آلامه في هذه الحياة؟ بأي قشةٍ صغيرةٍ يتمسك حين يغمره اليأس والحزن والأسى؟ وأي خلاصٍ يرجوه حينما يثقل الحمل كتفيه فيميل بهما؟ بل كيف يعيش الإنسان ساعةً بغير قوةٍ إلهيةٍ يتعرى أمامها من ضعفه ويأسه وقلة حيلته، حتى لا ينهي حياته بيديه!

من أقذر الأفعال المنتشرة هنا أن تأخذ موقف عدائي وتشيطن جنس كامل لتطرف وفساد بعض أفراده، أو تعمم تجربتك المؤلمة ليتخذها الناس حجة للسب والقذف وكره الرجال للنساء والنساء للرجال. الخير والشر نوازع داخل الإنسان لا يحددهم جنس أو لون، والإنصاف عزيز بين الناس، فلا تحمل ذنوب مجانية.

كيف حال قلبك ؟! هل فارغ من الداخل كما يظهر لي ام انك اشتقت لأحبابك في مصر — مثقل قليلًا، كان نفسي أقول كلام المغتربين عن اللوعة والحنين للوطن بس الحقيقة المؤسفة مافيش شيء افتقدته في مصر غير حاجتين: رؤية وجه أمي، وجلسة الغروب والشروق على سطح بيتنا… curiouscat.live/Kellawy/post/1…

أشتاق إلى أصباح الجمعة الونيسة، حين نفتح النوافذ ليلج الضوء إلى الأسِرَّة، وتنفذ رائحة الطعام تحت أيدي النساء لتحيي الديار، وتشدو الطيور بألحان الحرية والأمان، ويجتمع الأهل والأحباب للسمر والقصص، ومرح الأطفال الذي يعيد للفتى سيرة أيامه الأولى؛ حيث لا قلق ولا ضجر ولا تفكير.

أحب أن تكون الجمعة يومًا خالصًا لله، يومًا طاهرًا لا رفثَ فيه ولا وصبَ ولا جدالَ مع الخلائق. يومًا مباركًا يصحو فيه المسلم مبكرًا ليغتسل ويتوضأ ويكثر من صلاته على النبي ﷺ، ثم يقرأ سورة الكهف ليجدد وعيه بجهله؛ بحكمة الله التي أخفاها في ثقب سفينةٍ وقتل غلامٍ وإقامة جدارٍ.

لما الإنسان ينشغل أو يعتزل السوشل فترة لتهذيب نفسه ثم يرجع، يأتيه توهم كاذب أنه فاتته أحداث كثيرة، والحقيقة أنه لم يفته شيء، بل هذا كله عبث ولهو وتريندات متعاقبة لن تضيف له قيمة إذا تابعها، بل كل ثانية من واقعه أغلى وأهم من ضياعها هنا في العبث والذنوب وأمراض القلوب بين الخلائق.

كل الأشياء القبيحة تمر تمامًا ككل الأشياء الجميلة، تضع رأسك عشيةً على الوسادة وتظن أنك قد نلت حظك كاملًا من صفعات الدنيا، لكن صفعةً جديدةً تنال منك كل يوم. بيد أن التجارب صنعتك كما صدمتك، وأصقلتك الصفعات كما أدمت وجهك، وما أسقطته يداك لم يكن لك. فكن قويًا وامض بعزمٍ ولا تلتفت.

الكثير من الغضب يُهلكك، يتلف عينيك فلا ترى بهما إلا القبح والأذى، وكذا القليل منه يُشينك، يسقط عنك إنسانيتك، وينزع لباس المروءة الذي يستفزك لنصرة المظلوم ودفع الظالم ولو بشق كلمةٍ في موضعها. فاغضب بحزمٍ ولا تفرط، دع دمك يثور ولا ينفجر، واجعل ميزانك الحق حين يضل الناس الوجهة.